-A +A
عكاظ (الرياض)
ربطت ندوة أدبية نظمها الملتقى الثقافي في الرياض، التابع لجمعية الثقافة والفنون تحت عنوان «تجارب في الترجمة» بين ارتفاع مستوى الإبداع لدى المترجم والعلاقة القوية التي تربطه بالنص، فيما أكدت الندوة أيضا أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تنشيط حركة الترجمة وتطور عمليات تبادل الخبرات بين المترجمين.

وتحدث الدكتور سعد البازعي أحد أبرز خبراء حقل الترجمة في المملكة، عن الترجمة الإبداعية، وأنها تسهم في إيجاد حالة من العلاقة القوية بين المترجم والنص، ما يجعل العملية أكثر عمقاً، للدرجة التي تحميها من أن تكون مجرد نقل بلا روح.


وخلص إلى هذا الرأي خلال إدارته الندوة التي استضافها نادي «السعودية للكهرباء» في الرياض بمناسبة اليوم العالمية للترجمة الأسبوع الماضي، واستعرضت العديد من التجارب الرائدة بالمملكة في مجال الترجمة الأدبية والشعر والنصوص الإبداعية.

وشارك في الندوة ثلاثة من أبرز المترجمين السعوديين، القادرين على تشخيص حال الترجمة وتحديد ما تواجهه من تحديات في المرحلة الراهنة، هم الكاتبة والمترجمة تركية العمري، والدكتور شريف بقنة، إضافة إلى الدكتور سعد البازعي. وسلطت الندوة، الضوء على دور الترجمة الحضاري والثقافي والانساني، وأبرز التحديات التي تعترض الطريق، وما يقابلها من الإنجازات الفعلية التي تم تحقيقها على أرض الواقع.

وأقرت تركية العمري بإسهام ثقافتها الأدبية واللغوية وحبها للشعر بشكل كبير في تشكيل توجهها نحو الترجمة في ظل شغفها المبكر بدراسة اللغة الانجليزية، وهو ما أدى إلى نجاحها في ترجمة أول كتاب بعنوان «ترانيم إلى فاطمة العمري»، ثم ترجمة السيرة الذاتية للكاتبة والروائية الأمريكية كيت شوان، إضافة إلى عدد من قصائدها، لتتبعها بعد ذلك بترجمات متعددة للشعر وقصائد مختلفة لنيرودا، كاثلين رين، وغابريلا ميسترال.

من جانبه تناول الدكتور شريف بقنه، تجربته في الترجمة الأدبية بعنوان «تجربة في ترجمة المستحيل»، مشيراً إلى أن أول تجربة له كانت ترجمة قصيدة (الغراب) لإدجار الان بو.

واستعرض بقنة تجربته في كتاب لانطلوجيا في 2009م، لترجمة الشعر الأمريكي الحديث، حيث ترجم قصائد مختارة لسبعة عشر شاعراً، وصدر الكتاب عام 2012م عن دار الغاوون ببيروت، كما أنه يعمل في الوقت الحالي على كتاب جديد يُتوقع الانتهاء منه خلال عام، وهو عبارة عن مائة قصيدة مترجمة لمائة شاعر من أنحاء العالم.

واستخدم الدكتور سعد البازعي خبراته العريضة أمام الحضور الكبير، عندما تناول تجربته في ترجمة الكتب والنصوص الإبداعية، ليرسل أفكاره من خارج الصندوق، بذهابه بعيدا عن النمط المعتاد، عبر تسليط الضوء على حقيقة يؤمن بها، وهي أن الحميمية بين النص والمترجم تولد من رحم الإبداع.

وركز البازعي على أن لكل تجربة دلالات مختلفة، وأن الترجمة في النهاية تمثل رؤية خاصة وشخصية، لا سيما وأن ترجمة النصوص الإبداعية تأخذ المترجم إلى درجات متفاوتة من الحميمية في علاقته مع النص، وهي الحميمية التي وصفها بأنها نابعة من طبيعة النصوص، وأنها تحتاج إلى معايشة عن قرب.

وقال إن «الترجمة الإبداعية تعيش مع المترجم تجربة التحول نحو الإبداع، وليس مجرد النقل من لغة إلى أخرى»، مضيفاً «يمكن اختصار تجربته في الترجمة بالنظر إلى طبيعة النصوص التي حرص على ترجمتها، لكن ذلك سيظل ناقصاً إذا لم يستوعب الحديث عن تلك التجربة تأملاً في كل ما تعنيه الترجمة له».

وزاد بالقول إن «الأعمال المترجمة هي في النهاية إفراز لرؤية ما، أو يجب أن تكون كذلك.. لقد ترجمت كتباً ونصوصاً إبداعية ولكل من تلك تجربة مختلفة ودلالات مختلفة أيضاً».

وفي نهاية الندوة، تم فتح باب النقاش بين المترجمين الثلاثة والجمهور، وتطرق النقاش إلى دور التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، في تطوير الترجمة، إضافة إلى دعم وتشجيع قطاع الترجمة في المملكة، وأثر ذلك على الانتاج الأدبي السعودي بوجه خاص والثقافة العربية بوجه عام، والتي أثرت الندوة وأجابت على الكثير من أسئلة واستفسارات الحضور.